Categories

مـ.ـن الأرشيف إلى الظل.. شقوارة بين الـتـ.ـسـ.ـريـ.ـبـ.ـات الأمـ.ـنـ.ـيـ.ـة والأسئلة الـمسكوت عنها

في تطور بالغ الدلالة والأهمية، بدأت تتكشف ملامح قضية قد تُصنف ضمن أخطر حالات اختراق أسرار الدولة الليبية خلال السنوات الأخيرة، وذلك بعد إعلان النيابة العامة الليبية عن ضبط وثائق سيادية تتعلق بعمل هيئة أمن الجماهيرية وجهاز الأمن الخارجي، كانت بحوزة مشتبه به يُدعى «السيد س.ش».

المعلومات الأولية التي اطلعت عليها مصادر خاصة تشير إلى أن المشتبه به هو عميد بلدية حي الأندلس السابق، سمير شقوارة، وهو ذاته الذي ورد اسمه في تقارير إعلامية دولية، أبرزها تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، ضمن ملف تفجير طائرة «لوكربي»، حيث يُعتقد أنه لعب دورًا غير رسمي في تسريب وثائق أمنية مرتبطة بالقضية، والتي نشرها لاحقًا في كتاب بعنوان «قضية الطائرة الفرنسية UTA».

وبحسب بيان النيابة العامة، فإن المتهم قام في العام 2011 بالاتصال بأرشيف هيئة أمن الجماهيرية، وجهاز الأمن الخارجي، واطلع على مستندات سرية يفترض أن تظل محصورة ضمن الإدارات المختصة في جهاز المخابرات الليبية.

وتفيد المعطيات بأن الوثائق التي تم ضبطها خلال عملية التفتيش تحتوي على معلومات بالغة الحساسية تتعلق بأجهزة الأمن الليبية وتفاصيل عمليات استخباراتية سابقة.

وقد وجّه النائب العام الليبي تعليماته إلى جهاز الردع لمباشرة إجراءات الاستدلال والتحقيق، حيث باشر الجهاز بسماع أقوال المتهم وتفاصيل كيفية حصوله على الوثائق، ومدى صحتها، والقنوات التي استخدمها لتداولها خارج الأطر الرسمية.

وتأتي هذه التطورات في توقيت يتزامن مع إعادة فتح ملفات قديمة تتعلق بقضايا سيادية، أبرزها قضية «لوكربي»، التي عادت إلى واجهة الاهتمام الدولي من خلال مسلسل جديد من إنتاج BBC وNetflix، وكذلك مع رفع السرية عن الوساطة التي قام بها الرئيس الجنوب أفريقي الراحل نيلسون مانديلا بين تونى بلير رئيس الوزراء البريطانى الأسبق والعقيد الراحل معمر القذافي إبان أزمة لوكربي.

مصادر مطلعة لم تستبعد أن يكون تسرب هذه الوثائق جزءًا من عملية ممنهجة لاختراق منظومة الأرشيف السيادي الليبي، خصوصًا أن المتهم كان عضوًا في «المجلس العسكري لثوار طرابلس» عام 2011، وهي المرحلة التي شهدت انهيار البنية الأمنية التقليدية، وظهور كيانات غير رسمية كانت تدير ملفات أمنية بالغة الحساسية خارج أطر الدولة.

وفي حال تأكدت صحة الوثائق، فإن القضية قد تأخذ منحى دوليًا، خصوصًا مع ورود معلومات عن استخدام بعض الوثائق المُسرّبة في إطار محاولات لتشكيل روايات سياسية بديلة حول تورط النظام الليبي السابق في بعض القضايا الدولية الحساسة.

النيابة العامة تؤكد استمرار التحقيق، فيما يرى مراقبون أن القضية تمس جوهر السيادة الوطنية، وأنها قد تفتح ملفًا أوسع حول أمن الوثائق السيادية الليبية ومخاطر تسربها خارج الدولة.

ختامًا، فإن الأسئلة التي تفرض نفسها الآن لا تتعلق فقط بكيفية حصول المشتبه عليه على هذه الوثائق، بل تتجاوز ذلك إلى من يقف وراء تمكينه من الوصول إليها؟ وهل هناك أطراف داخلية أو خارجية سعت لتوظيف هذه المستندات في معارك سياسية خفية؟ القضية إذًا ليست مجرد تسرب وثائق… بل قد تكون مؤشرًا على اختراق أعمق لمؤسسات الدولة وذاكرتها السيادية، وهو ما يستوجب مراجعة شاملة لمنظومة الأرشيف والاستخبارات الوطنية.

    اترك تعليق

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني