Categories

مخرجات اللجنة الفنية: خطة أممية جديدة… أم جولة أخرى من تدوير الأزمة برعاية دولية؟

تقارير – البوصلة
أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أنها استكملت سلسلة مشاورات مع مختلف الأطراف الليبية تمهيدًا لطرح “خيارات” تتعلق بالمسار الانتخابي المؤجل منذ سنوات. إعلان جاء في توقيت بالغ الحساسية، وسط حالة إنهاك سياسي داخلي، وتشظٍّ في الشرعيات، وتراجع في منسوب الثقة بمؤسسات الحكم الانتقالي.

لكنّ هذه المقاربة الأممية – التي تتبنى منهج “الخيارات المتعددة” بدلًا من خارطة طريق مفروضة – تطرح أسئلة كبرى حول جدّيتها، ومدى قابليتها للتحقق، في ظل انقسام مؤسساتي مزمن وشكوك متجددة حول حياد الأمم المتحدة نفسها.

تحوّل في النهج… أم تكيّف مع العجز؟

بخلاف مبادرات أممية سابقة، لم تأتِ المبادرة الجديدة بصيغة “خطة مفروضة” بل كمجموعة خيارات تركت للأطراف الليبية هامشًا للنقاش أو الانتقاء. ويُعتقد أن هذا التحوّل ليس وليد قناعة أممية بفاعلية التشاور المحلي، بقدر ما هو تكيّف اضطراري مع انسداد سياسي داخلي وانقسام دولي إقليمي حول مستقبل العملية السياسية.

مصدر مطلع في العاصمة طرابلس وصف هذه المقاربة بأنها “استفتاء دبلوماسي ناعم” يسمح بإعادة ترتيب الأوراق دون الصدام مع الكيانات المتنفذة.

الشارع الليبي… الإنصات بحذر، والثقة مفقودة

رغم تعب الشارع الليبي من الانقسامات، وسعيه لانتخابات تنهي المرحلة الانتقالية المستنزِفة، إلا أن الاستعداد الفعلي للانخراط في أي طرح جديد مرهون بمدى استقلاله عن الأجسام القائمة. ففي الوقت الذي تُجري فيه البعثة مشاوراتها، لا يزال الواقع التشريعي ممزقًا بين مجلسَي النواب والدولة، دون توافق على قاعدة دستورية أو قانون انتخابي نهائي.

الليبيون، ببساطة، يريدون ضمانات وليس مقترحات، وحماية للصناديق وليس مجرد مواعيد جديدة.

مأزق البعثة الأممية… اتهامات بالتحيّز وصمت استراتيجي

في السنوات الأخيرة، تحوّلت البعثة الأممية من فاعل محايد إلى لاعب متهم بالانتقائية، خاصة خلال فترة المبعوثة السابقة ستيفاني ويليامز، ومرورًا بمسارات جنيف وبوزنيقة، التي رأى فيها كثير من الليبيين تقطيعًا للوقت أكثر من كونها مسارات حل حقيقية.

وعلى الرغم من خطاب الحياد، تراجعت ثقة الأطراف الرئيسية في البعثة بشكل حاد، ما يدفع كثيرين للتساؤل: من يضمن أن الطرح الجديد ليس محاولة لشراء الوقت حتى استقرار التوازنات الإقليمية؟

إن فشلت الأمم المتحدة… من يملك التأثير؟

إذا عجزت الأمم المتحدة عن فرض مسار ملزِم، فإن الفاعلية ستنتقل تلقائيًا إلى الأطراف القادرة على التأثير المباشر في المعادلة الليبية:
• واشنطن تملك أدوات ضغط اقتصادية وسياسية لكنها تتجنب التورط المباشر في الملف.
• مصر وتركيا تتمتعان بنفوذ فعلي على الأرض، وكل منهما منفتحا على أطرافًا وازنة في شرق البلاد وغربها.
• الجزائر تحاول العودة إلى خط الوساطة، لكن تأثيرها يظل محكومًا بقبول الأطراف الليبية.
• روسيا حاضرة بنفوذها لكنها لا تملك أجندة انتخابية واضحة.

وفي ظل هذا الواقع، تبدو الحاجة ملحة إلى تفاهم دولي–إقليمي موحّد يعيد ضبط إيقاع المسار السياسي، ويفرض آليات ملزمة لتنظيم انتخابات لا تكون عرضة للعبث من أطراف متضررة من نتائجها.

    اترك تعليق

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني