Categories

تصاعد الانتقادات للبعثة الأممية في ليبيا.. أزمة ثقة أم فشل مسار؟

تشهد الساحة الليبية خلال الساعات الماضية موجة انتقادات لافتة موجهة إلى بعثة الأمم المتحدة للدعم، على خلفية تصريحات أطلقتها المبعوثة الأممية الخاصة، هانا تيتيه، بشأن الانقسام السياسي في البلاد.

الانتقادات التي جاءت من سياسيين وشخصيات فاعلة، تسلط الضوء على تصاعد أزمة الثقة بين أطراف ليبية متعددة والبعثة الأممية، في ظل تعثر المسار السياسي وتزايد الاستقطاب الداخلي.

أحد أبرز الأصوات المنتقدة كان عضو المجلس الأعلى للدولة، منصور الحصادي، الذي اعتبر أن تشخيص المبعوثة الأممية للأزمة الليبية يفتقر إلى الدقة والشمولية، مشيرًا إلى أن تصريحاتها لم تعكس التعقيدات الحقيقية للمشهد الليبي.

أما رئيس تجمع الأحزاب، فتحي الشبلي، فقد ذهب أبعد من ذلك، متهماً البعثة الأممية بأنها “تُطيل أمد الأزمة بدلاً من حلها”، واعتبر تصريحات تيتيه استمرارًا لـ”نهج تعطيل الحلول” الذي، حسب تعبيره، بدأ منذ تدخل المجتمع الدولي في 2011.

من جانبه، أيمن بدر، العضو السابق في البعثة الأممية، عبر عن تشاؤمه حيال قدرة تيتيه على تحقيق تقدم ملموس، مقللًا من أهمية أي تحركات أممية جديدة ما لم تتغير الآليات والأساليب المتبعة.

ما وراء الانتقادات

الهجمة على البعثة الأممية تعكس أكثر من مجرد خلاف عابر حول تصريح دبلوماسي؛ فهي نتيجة تراكمات وإحباطات لدى أطراف سياسية ترى أن المسار الأممي لم يحقق تطلعاتها أو لم يوازن بين مصالح الأطراف المحلية بشكل عادل.

الهجوم الحالي على بعثة الأمم المتحدة، رغم مشروعية بعض الملاحظات، يكشف عن مأزق أعمق يتمثل في غياب مشروع وطني ليبي جامع قادر على أن يقود البلاد نحو الاستقرار بمعزل عن الوساطات الخارجية. كما أن استمرار تحميل البعثة وحدها مسؤولية انسداد الأفق السياسي يغفل حقيقة أن الانقسامات الليبية هي في الأساس محلية الصنع، وإن كانت تغذيها أحيانًا التدخلات الدولية.

في المقابل، تحتاج البعثة الأممية إلى مراجعة خطابها وأولوياتها بواقعية أكبر، وأن تعترف أن “الإدارة التقليدية للأزمة” لم تعد كافية، بل بات المطلوب خطوات جريئة تتجاوز التشخيصات السطحية نحو بناء توافقات حقيقية تستند إلى إرادة الليبيين أنفسهم.

لكن يبقى السؤال مطروحًا، هل تستطيع البعثة الأممية كسر دائرة الإحباط واستعادة ثقة الليبيين، أم أن الأزمة ستبقى رهينة مسارات دولية فقدت زخمها وتأثيرها؟

    اترك تعليق

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني