البوصلة – ترجمة
كشفت مجلة “السياسات والمجتمع” الألمانية، الاشتباكات الأخيرة بين المليشيات في طرابلس تكشف عن “وهم الأمن” في العاصمة التي باتت تحكمها التشكيلات المسلحة بدلاً من أجهزة الدولة.
وأفادت المجلة، في تقرير تابعته وترجمته “البوصلة” أن هذه الاشتباكات تسلط الضوء على الهشاشة الأمنية المستمرة في ليبيا، وأنه بات من الواضح أنها حاليًا بدون أي مؤسسات دولة فاعلة أو هياكل ديمقراطية شرعية، بينما يبدو السلام الدائم حلمًا بعيد المنال.
وأكد التقرير، أن جوهر الأزمة الليبية يكمن في تمسّك النخبة السياسية بالوضع الراهن، خشية فقدان قبضتها على السلطة، مشيرا إلى أن النخبة السياسية تعزز سلطتها من خلال السيطرة على المليشيات وشبكات المحسوبية الاقتصادية والنفوذ المؤسسي، في حين ينشغل رئيس حكومة الوحدة، عبد الحميد الدبيبة بتوزيع المناصب الرئيسية بأفراد من عائلته ورجال أعمال موالين له، بحسب التقرير.
ولفت التقرير، إلى أن فكرة دمج المجموعات المسلحة في غرب ليبيا ضمن هياكل الدولة، للمساعدة في إصلاح السياسة الأمنية، أدّت في الواقع إلى اختراق مؤسسات الدولة ونهبها، وتحويلها إلى أدوات بيد تلك المليشيات.
وبين التقرير، أن ” التصعيد الأخير في طرابلس يعد مثالاً بارزًا على ذلك الصراع، خاصة وأنه جاء بعد يوم واحد فقط من اغتيال غنيوة الككلي، الذي كان حليفًا للدبيبة، وحصل على موارد الدولة رغم سجله الإجرامي”. بحسب المجلة.
وفيما صوّر الدبيبة عملية اغتيال الككلي كإجراء أمني مشروع، يرى التقرير أن جميع المؤشرات تدل على صراع داخلي على النفوذ والموارد، إذ كان الككلي قد وسّع من قوته في الفترة الأخيرة، وأصبح يُشكّل تهديدًا مباشرًا للدبيبة والمليشيات الداعمة له.
ويرى التقرير أن خروج الككلي من المشهد كان يمكن أن يمهد الطريق أمام تعزيز سيطرة الدولة، لكن مليشيات أخرى مثيرة للجدل سارعت لملء الفراغ، بينما لا يزال الدبيبة يعتمد على هذه الجماعات لحماية نفسه من انتقام الحلفاء السابقين لغنيوة.
وأشار التقرير، إلى أن الدبيبة لم ينجح في كسب ود الشعب، فقد حمّله الكثيرون المسؤولية المباشرة عن العنف المستمر والقتال المتجدد، وخرجوا إلى شوارع طرابلس بأعداد لم نشهدها منذ فترة طويلة، للمطالبة باستقالته.
ورجح التقرير، أن يستمرّ الصراع على طرابلس، وغنائم المليشيات المتنافسة، حتى يتمّ التوصل إلى اتفاق بشأن تقاسم السلطة والموارد، مؤكدا أنه بدون ضغط فعال على جميع الأطراف السياسية الفاعلة وخاصة الدبيبة نفسه، قد تذهب الجهود الدولية المختلفة أدراج الرياح.
وتابع التقرير: أن ” الانتقال السلمي للسلطة القائم على سيادة القانون، سيبقى من الخيال، طالما تعاني ليبيا من سيطرة الدولة وحكم المليشيات وتفكك المؤسسات”.
وختم التقرير بتأكيده أن الصراع على طرابلس وغنائم المليشيات سيستمر ما لم يتم التوصل إلى اتفاق حقيقي لتقاسم السلطة والموارد، داعيا المجتمع الدولي إلى ممارسة ضغط فعّال، خصوصًا على الدبيبة، محذرًا من أن غياب هذا الضغط سيؤدي إلى فشل كافة الجهود الدولية.
كما شدد التقرير على ضرورة تحديد موعد نهائي لإجراء انتخابات حرّة ونزيهة، والتلويح بعواقب دبلوماسية، منها سحب الاعتراف بالحكومة، في حال فشل الالتزام بذلك. وخلص إلى أن الانتقال السلمي للسلطة القائم على سيادة القانون سيبقى “أمرًا خياليًا” طالما استمرت سيطرة المليشيات وتفكك مؤسسات الدولة.