Categories

المـ.ـبعوثة الأمـ.ـمية العاشرة … اختراق لشباك الأزمة أم تكرار للفرص الضائعة؟

مقدمة

تسلمت الدبلوماسية الغانية حنا سيروا تيتيه منصب المبعوثة الأممية العاشرة إلى ليبيا، في خطوة تعكس محاولة الأمم المتحدة لإنعاش مسار سياسي متعثر وسط حالة من الجمود والانقسام.

ومع دخولها إلى المشهد الليبي، تجد تيتيه نفسها أمام تحدٍ مزدوج: إحداث اختراق حقيقي في الأزمة أو الانضمام إلى قائمة المبعوثين الدوليين الذين أضاعوا فرص الحل. استنادًا إلى تجربتها في الوساطات الدبلوماسية، ولا سيما في القرن الأفريقي والاتحاد الأفريقي، تواجه تيتيه مجموعة من التحديات الاستراتيجية، خصوصًا في ظل فشل سلفها عبد الله باتيلي في تحقيق أي إنجاز ملموس.

هذا التقرير يسلط الضوء على إرث إخفاق باتيلي، ويستعرض سجل تيتيه الدبلوماسي، ويطرح رؤية استخباراتية حول العقبات التي قد تعرقل مساعيها في ليبيا.

أولًا: تيتيه في الميدان – هل تسجل اختراقًا أم تكرر الفرص الضائعة؟

سجل دبلوماسي غني.. ولكن دون إنجازات كبرى!

مبعوثة خاصة للأمين العام للأمم المتحدة في القرن الأفريقي (2022 – 2024)

أبرز الملفات

▪︎ الأزمة الإثيوبية-التغراوية، النزاعات الحدودية بين إثيوبيا والسودان، وملف حركة الشباب في الصومال.

▪︎ رئيسة مكتب الأمم المتحدة لدى الاتحاد الأفريقي (2019 – 2022)ساهمت في تعزيز الشراكة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، لكنها اصطدمت بمحدودية النفوذ الأممي في القارة.

▪︎ وزيرة خارجية غانا (2013 – 2017) اكتسبت خبرة في التفاوض متعدد الأطراف، ولكن ضمن سياقات أقل تعقيدًا من المشهد الليبي.

على الرغم من هذه التجارب، لم تحقق تيتيه اختراقات حاسمة في الملفات التي أدارتها، مما يثير تساؤلات حول قدرتها على النجاح في ليبيا، حيث سبقها تسعة مبعوثين واخفقوا جميعًا.

ثانيًا: إرث إخفاق باتيلي – الفشل في تسجيل أي هدف دبلوماسي

باتيلي لم يكن مجرد مبعوث آخر.. بل كان أحد أكثر المبعوثين الأمميين عزلة وفشلًا، حيث فشل في تحقيق أي تقدم يذكر في حلحلة الأزمة الليبية، ويمكن تلخيص إخفاقاته في المحاور التالية:

فشل في تنظيم الانتخابات

▪︎ لم يتمكن من فرض توافق حول قاعدة دستورية واضحة.

▪︎ اكتفى بمحاولات شكلية للحوار دون حلول عملية.

تجاهل التعقيدات الداخلية

▪︎ تعامل مع ليبيا ببيروقراطية أممية، متجاهلًا الديناميات القبلية والعسكرية.

▪︎ أدى ذلك إلى تعميق الانقسام بين الشرق والغرب.

عزلة سياسية متزايدة

▪︎ خسر دعم الأطراف الليبية بسبب ما اعتُبر “انحيازًا” لقوى خارجية.

▪︎ فقد الشرعية داخليًا، مما قلل من قدرته على التأثير في الأحداث.

غياب النفوذ على القوى الدولية

فشل في ضبط التدخلات الخارجية (روسيا، تركيا، الإمارات، مصر، فرنسا، وإيطاليا).

▪︎ استمرت الصراعات العسكرية والتدخلات الاستخباراتية خلال فترة عمله.

هذا الواقع يجعل تيتيه أمام مهمة معقدة: هل تنجح حيث فشل باتيلي؟ أم ستكرر الأخطاء ذاتها؟

ثالثًا: التحديات الاستراتيجية التي ستواجهها تيتيه

1. استعادة الشرعية الأممية: تحتاج إلى إعادة بناء ثقة الأطراف الليبية بالأمم المتحدة، بعد أن أصبحت البعثة فاقدة التأثير السياسي.

2. فك شيفرة الاستقطاب السياسي والعسكري: التعامل مع انقسام السلطة بين الشرق والغرب. إيجاد توازن بين حفتر في الشرق والميليشيات في الغرب.

3. معضلة الانتخابات المؤجلة: وضع خارطة طريق جديدة قابلة للتطبيق.أي مقاربة خاطئة قد تؤدي إلى تصعيد عسكري جديد.

4. احتواء النفوذ الإقليمي والدولي: على تيتيه التحرك بحذر بين القوى الدولية المتصارعة على ليبيا. أي خطوة خاطئة قد تجعلها غير مرغوبة من قبل إحدى هذه القوى، مما سيقوض جهودها.

5. معضلة الميليشيات والمرتزقة: إيجاد إستراتيجية متوازنة بين تفكيك الجماعات المسلحة وعدم إثارة غضب الفاعلين العسكريين.

إذا لم تتمكن من تحقيق أي تقدم في هذه الملفات خلال الأشهر الأولى، فستجد نفسها في نفس مصير باتيلي وسابقيه.

رؤية استشرافية لمستقبل تيتيه – هل تسجل هدفًا أم تنضم إلى قائمة الخاسرين؟

السيناريو المتفائل:

▪︎ إذا تمكنت من كسب ثقة الليبيين والدول الكبرى، فقد تنجح في دفع العملية السياسية خطوة للأمام.

السيناريو المتشائم:

▪︎ استمرار الجمود السياسي، مما سيؤدي إلى استقالتها كما حدث مع باتيلي.

السيناريو الأكثر ترجيحًا:

ستلجأ إلى دبلوماسية توافقية بطيئة دون حلول جذرية، مما يعني استمرار الأزمة الليبية في الدوران في نفس الحلقة المفرغة.

خاتمة:

هل تكون تيتيه الاستثناء أم مجرد رقم جديد في قائمة الفشل الأممي؟

تدخل حنا تيتيه المشهد الليبي محملةً بتجارب دبلوماسية متعددة، لكنها تواجه أزمة أعقد وأخطر من أي أزمة خاضتها من قبل.

إذا تمكنت من تحقيق اختراق حقيقي، فستكون أول مبعوثة تكسر سلسلة الفشل الأممي. ولكن إذا أخفقت، فستصبح مجرد اسم آخر في قائمة المبعوثين الذين أضاعوا الفرص وأهدروا الوقت.

فهل ستكون تيتيه “رقم 10” الذي يسجل أخيرًا في شباك الأزمة الليبية؟ أم أنها مجرد تكرار لمشهد ممل اعتاد عليه الجميع؟

    اترك تعليق

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني