قدم فريق ركن سالم جحا التعازي والمواساة في رحيل رئيس الأركان العامة إثر تحطم طائرة خلال رحلته من أنقرة إلى طرابلس، مؤكدا في رسالة قدمها إلى المجلس الرئاسي، تقديره لعظم المسؤولية التي يواجهها المجلس في هذه اللحظة التاريخية الفارقة، مشيرًا إلى ضرورة اتخاذ الحكمة التي تتجاوز منطق التكليف الروتيني لتصل إلى آفاق التحصين الوطني للمؤسسة العسكرية.
وأشار الفريق إلى أن منصب رئيس الأركان في هذا التوقيت المتخم بالتجاذبات لم يعد مجرد موقع قيادي ضمن تراتبية عسكرية تقليدية، بل أصبح مركز ثقل سياسي وأمني تتحطم عليه تطلعات الإصلاح إذا لم يُسند بمشروع وطني متكامل. ولفت إلى أن البنية الحالية للمنطقة الغربية تجعل من القائم على هذا المنصب في وضعية شائكة، إذ يتحمل المسؤولية أدبيًا ومعنويًا عن كل إخفاق، بينما تظل أدوات التغيير والسيطرة الفعلية رهينة لتوازنات خارجة عن إرادته، مما يعرضه للانكشاف المهني والسياسي عند أول صدام مع المصالح الميدانية المتجذرة.
غياب مشروع جامع لتوحيد المؤسسة
كما أكد الفريق أن غياب مشروع جامع لتوحيد المؤسسة ودمج مكوناتها يحول أي قرار إداري أو تنظيمي صادر عن رئاسة الأركان إلى تهديد وجودي للأطراف الفاعلة على الأرض، فيُفسر الطموح الوطني على أنه خصومة شخصية، وتتحول أدوات الإصلاح إلى وقود للصراعات، مما يضع المكلف في مواجهة عزلة اختيارية أو استهداف ممنهج يبدأ بالتشويه الإعلامي وينتهي بسحب البساط المؤسسي من تحت قدميه.
وشدد الفريق على أن التوافق السياسي العريض والضمانات الأمنية الراسخة ليست مجرد كماليات ترافق التكليف، بل هي شروط بقاء وفاعلية المنصب، موضحًا أنه بدونها لا يعدو المنصب أن يكون “محرقة للكفاءات” وواجهة لتمرير أزمات بنيوية، حيث يجد القائد نفسه مضطراً للمناورة في حقل من الألغام السياسية والمحلية دون “شبكة أمان” وطنية تحمي نزاهة قراراته.
اختبار قاسي
وأضاف في رسالته، أن قبول هذا التكليف في ظل الفراغ الحالي من الضمانات السياسية والمؤسسية يمثل اختبارًا قاسياً للنجاة، قد ينتهي بإحراق رصيد المكلف وتشويه مسيرته المهنية، مما يفرض ضرورة النظر إلى تعيين رئيس الأركان القادم كجزء أصيل من تسوية وطنية كبرى، توفر له الغطاء الشرعي والسياسي اللازم، وتضمن له الحماية من الارتدادات الأمنية والضغوط الجهوية، ليتمكن من ممارسة سيادته المهنية بما يحفظ كرامة المؤسسة العسكرية ويصون المصلحة العليا للبلاد، بعيدًا عن صفقات الوقت أو حلول التسكين العابرة.
واختتم الفريق رسالته بالتأكيد على أن المنصب العسكري في ليبيا بلا مشروع وطني ينهي الانقسام السياسي ويوحد المؤسسات، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية والأمنية، يشبه الوقوف على جبل متحرك أثناء عاصفة، حيث كل الأنظار عليك ولا أحد يمسك بك، داعياً المجلس الرئاسي إلى اتخاذ ما فيه خير وصلاح الوطن العزيز.





