هيمنت التحذيرات الأممية من تصاعد وتيرة العنف في العاصمة الليبية طرابلس، إلى جانب الدعوات الدولية لاستئناف المسار السياسي ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، على مداولات مجلس الأمن الدولي خلال جلسته المخصصة لبحث الأوضاع في ليبيا.
نقل نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، رسالة مباشرة من الأمين العام أنطونيو غوتيريش، دعا فيها جميع الأطراف الليبية إلى اتخاذ خطوات عاجلة للحفاظ على الهدنة القائمة والبناء عليها من خلال حوار جاد يعالج الأسباب الجذرية للصراع.
وأعرب جوتيريش عن حزنه العميق لمقتل ما لا يقل عن ثمانية مدنيين في الاشتباكات الأخيرة، محذرًا من خطورة التصعيد السريع، خصوصًا مع تدخل جماعات مسلحة من خارج العاصمة واستخدام المدفعية الثقيلة في مناطق مكتظة بالسكان. كما جدّد التأكيد على التزام الأمم المتحدة بمساعدة الليبيين من خلال مساعيها الحميدة للوصول إلى اتفاق يضمن سلامًا واستقرارًا دائمين.
دعوات متكررة لعملية سياسية
أحداث طرابلس
من جهته، شدد مندوب بريطانيا لدى مجلس الأمن على أن ما شهدته طرابلس من أحداث دامية يؤكد الحاجة الماسة إلى عملية سياسية موثوقة بوساطة أممية، مطالبًا باحترام وقف إطلاق النار بشكل شامل وغير مشروط.
ورحّب المندوب البريطاني بجهود المحكمة الجنائية الدولية، خاصة إصدار مذكرة التوقيف بحق أسامة نجيم، معتبرًا ذلك تقدمًا مهمًا في مكافحة الإفلات من العقاب. كما أشار إلى إصدار مذكرات توقيف جديدة بحق مرتكبي الجرائم في ترهونة، مؤكدًا دعم بلاده لتلك الجهود.
الولايات المتحدة أكدت بدورها على أهمية إنهاء حالة عدم الاستقرار في ليبيا، وربطت بين ضمان المساءلة وتقليل وتيرة العنف، داعية السلطات الليبية إلى محاسبة المتورطين، بمن فيهم مسؤولون في النظام السابق.
انتخابات رئاسية وتشريعية
أما فرنسا، فقد رأت في الاشتباكات الأخيرة تذكيرًا بضرورة تشكيل حكومة جديدة تكون قادرة على تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية في أقرب وقت، بما يعكس تطلعات الشعب الليبي. وأشارت إلى استمرار العوامل التي دفعت مجلس الأمن لإحالة الملف الليبي إلى المحكمة الجنائية منذ عام 2011.
وأكدت فرنسا على أهمية تعاون السلطات الليبية، خاصة مع زيارة مدعي المحكمة كريم خان المرتقبة في 2024، معتبرة أن مكافحة الإفلات من العقاب تمثل أحد مفاتيح تحقيق وحدة البلاد، وأن عمل المحكمة يكمل جهود الأمم المتحدة السياسية.
من جانبه، كشف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان أن المحكمة تلقت موافقة رسمية من السلطات الليبية لتمديد اختصاصها في البلاد حتى عام 2027، مشددًا على أن مرتكبي الجرائم في ليبيا لن يتمكنوا من التهرب من العدالة.
وأشار خان إلى أن فريق المحكمة عقد لقاءات مع أكثر من 80 مؤسسة مجتمع مدني خلال الأشهر الماضية، في إطار جمع الأدلة المتعلقة بجرائم جسيمة، لا سيما في ملفات مراكز الاحتجاز وجرائم ترهونة. كما أعرب عن استعداد المحكمة للتعاون مع جميع الأطراف الليبية من أجل ضمان محاسبة المتورطين وتقديمهم للعدالة.