Categories

مراسيم في مهب الريح: المنفي يوقّع والدبيبة يهمس

في خطوة مفاجئة، وقبل أيام فقط من إعلان توصيات اللجنة الفنية التابعة للأمم المتحدة بشأن خارطة الحل السياسي في ليبيا، أصدر رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ثلاثة مراسيم أثارت عاصفة من الرفض المحلي والدولي، واعتُبرت محاولة لتجاوز مؤسسات الدولة وتقويض جهود التوافق.

أخطر هذه المراسيم كان المتعلق بتفعيل “المفوضية العليا للاستفتاء” وتكليفها بتنظيم استفتاء على مشروع الدستور خلال 30 يوماً، وهي مدة اعتبرها خبراء مستحيلة التنفيذ في ظل الانقسام القائم، وغياب الأسس القانونية واللوجستية اللازمة.

المراسيم صدرت باسم المجلس الرئاسي، رغم اعتراض صريح من نائبه عبد الله اللافي، والتزام النائب الثالث موسى الكوني الصمت، في مشهد يعكس خللاً بنيوياً داخل مؤسسة يفترض أن تحكم بالتوافق.

يرى مراقبون ومحللون أن التوقيت لم يكن عفوياً. مصادر مطلعة لم تستبعد وجود تفاهمات خلف الكواليس بين المنفي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، الذي يُتهم بالسعي لتطويع الأجسام السياسية القائمة لخدمة بقائه، ولو عبر بوابة دستورية هشة. تحرّك المنفي بدا وكأنه يمنح الدبيبة فرصة لإعادة تدوير شرعيته، في لحظة تحوّل حاسمة ترعاها الأمم المتحدة.

الرفض لم يأت من الداخل فقط. مجلس النواب اعتبر الخطوة “انقلاباً على الشرعية التشريعية”، والحكومة الموازية وصفت المراسيم بـ”المعدومة الأثر”، بينما عبّرت جهات دولية عن استغرابها من “القرارات الأحادية التي تسبق التوافق الأممي”، في ما بدا رسالة تحذير مبطنة.


المنفي قفز على الواقع واندفع نحو خيارات دستورية معقدة دون توافق أو استعداد، في لحظة سياسية بالغة الحساسية. المراسيم التي قُدّمت كخطوة نحو “الاستقرار”، قد تكون في حقيقتها وصفة جاهزة لتعميق الانقسام وتعطيل الحل، مع فتح نافذة جديدة أمام الطموحات الشخصية في زمن الانسداد المؤسسي

    اترك تعليق

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني