البوصلة -تقارير
اشتعل الجدل المالي في ليبيا مجددًا، عقب صدور بيان صادم عن مصرف ليبيا المركزي في السادس من أبريل 2025، كشف فيه عن صرف 59 مليار دينار خارج الترتيبات المالية الرسمية، وهو ما وصفه بأنه “تهديد خطير لاستقرار الاقتصاد الوطني وسعر صرف الدينار الليبي”.
هذا البيان، الذي جاء بلغة تحذيرية غير معتادة، اعتبر أن الإنفاق الموازي – خارج الميزانية المعتمدة – تسبب في عجز في ميزان المدفوعات، واستنزاف لاحتياطي النقد الأجنبي، وتوقع أن يتجاوز إجمالي الدين العام حاجز 330 مليار دينار بنهاية العام 2025، وهو رقم غير مسبوق، يعكس حجم التحديات التي تواجه الدولة.
ردود متباينة من الحكومة
لم يكن الرد الحكومي على قدر وحدة البيان المركزي. ففي حين اختارت حكومة الوحدة الوطنية الرد عبر بيان رسمي مفصّل، خرج رئيس الوزراء برد منفصل عبر تغريدة على حسابه الشخصي، قال فيها إن “المواطن يدفع اليوم من جيبه ثمن الإنفاق الموازي”، مؤكدًا أن حكومته كانت قد حذرت مسبقًا من خطورة هذا المسار، ومتهمًا جهات غير خاضعة للدولة بتمويل أنشطة غير معلنة عبر السوق الموازية لشراء الدولار.
أما البيان الرسمي للحكومة، فقد سعى لتوضيح مسار إنفاقها، موضحًا أن الإنفاق الرسمي بلغ 123 مليار دينار، منها 67 مليار للمرتبات، و12 مليار فقط لمشروعات التنمية، مقابل 59 مليارًا أُنفقت خارج الأطر الرسمية، وهو ما وصفه البيان بأنه “إنفاق يفوق خمسة أضعاف ما خصصته الدولة للتنمية”، ويُعد تهديدًا مباشرًا للعدالة في التوزيع والاستقرار المالي.
المواطن يدفع الثمن
بعيدًا عن لغة الأرقام والبيانات، تبقى الحقيقة الصادمة ماثلة أمام الجميع: المواطن الليبي هو الضحية الأولى والأخيرة. فقد انعكس هذا الإنفاق غير المنضبط على سعر صرف الدينار، وتضخم الأسعار، وتآكل القوة الشرائية للأسر الليبية.
وتؤكد تقارير اقتصادية أن السوق تشهد موجات غلاء متصاعدة، وسط تراجع الثقة في العملة المحلية، وازدياد الاعتماد على السوق الموازي في توفير النقد الأجنبي، في ظل غياب رؤية اقتصادية موحدة.
غياب التنسيق… مؤشر ضعف مؤسسي
ما زاد من قلق الشارع، هو تباين الخطاب الرسمي الحكومي. فقد جاء رد رئيس الوزراء عبر تغريدة، في حين ردت الحكومة عبر بيان رسمي منفصل، في مشهد يعكس انقسامًا أو ارتباكًا داخل مؤسسات الدولة، في وقت يفترض فيه أن تكون الرسائل متماسكة والمواقف منسجمة، خاصة في ظل أزمة تمس معيشة المواطنين مباشرة.