Categories

على وقع تاريخ من التنـ.ـاقضات، هل يمكن الوثوق بنفي الدبـ.ـيبة بشأن استضافة لاجـ.ـئي غـ.ـزة؟

تقارير – البوصلة

كشف تقرير نشره موقع American Thinker عن عرض رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد الحميد الدبيبة، استضافة ما بين 100,000 إلى 200,000 لاجئ فلسطيني من قطاع غزة، في خطوة تضع ليبيا في قلب معادلة جيوسياسية شديدة التعقيد، وترتبط بشكل مباشر بخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإعادة رسم مستقبل القطاع الفلسطيني ضمن ما يعرف بـ “صفقة القرن”.

وعلى الرغم من أن الدبيبة سارع إلى نفي هذه المزاعم، إلا أن تاريخه الحافل بالتصريحات المتناقضة والوعود غير المنفذة يطرح تساؤلات جدية حول مدى مصداقية هذا النفي.

وعود انتخابية لم تتحقق: التعهدات المكتوبة في مهب الريح

عند توليه منصبه في مارس 2021، تعهد الدبيبة بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في موعدها وفق خارطة طريق جنيف، التي وضعت جدولًا زمنيًا واضحًا لهذه الانتخابات، لكنه لم يلتزم بهذا التعهد، وتم تأجيل الاستحقاق الانتخابي مرارًا وتكرارًا، وسط اتهامات له بإطالة أمد بقائه في السلطة بطرق ملتوية.

التراجع عن التعهدات المكتوبة

الأمر لا يقتصر على الوعود الشفهية؛ فقد وقّع الدبيبة تعهدًا كتابيًا بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية، إلا أنه تراجع لاحقًا عن هذا الالتزام، بل خاض معارك سياسية وقانونية لتمهيد الطريق أمام ترشحه، ضاربًا بتعهداته عرض الحائط.

هذه الواقعة وحدها كافية لطرح سؤال مشروع: إذا كان الدبيبة قد خالف تعهده المكتوب بشأن عدم الترشح، فما الذي يمنعه من تقديم وعود دبلوماسية سرية تتعارض مع مصلحة ليبيا؟

مشاريع تنموية مؤجلة: أين ذهب وعود الإعمار؟

في إطار محاولاته لكسب التأييد الشعبي، أعلن الدبيبة عن مشاريع تنموية كبرى، مثل:
• الطريق الدائري الثالث، الذي وُعد بإنجازه لتخفيف الازدحام المروري في طرابلس.
• أبراج طريق الشط، التي كان من المفترض أن تكون علامة معمارية بارزة.

لكن هذه المشاريع لم ترَ النور حتى الآن، ولم تتعدَ حدود الخطط المعلنة، مما يعكس نهجًا قائمًا على التسويق الإعلامي بدلاً من التنفيذ الفعلي.

لقاء المنقوش بالمسؤول الإسرائيلي: من الإنكار إلى انكشاف الحقيقة

في أغسطس 2023، شهدت ليبيا أزمة دبلوماسية حادة بعدما تسربت أنباء عن لقاء وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش بوزير الخارجية الإسرائيلي في روما.
• سارع الدبيبة إلى نفي علمه المسبق بالاجتماع، بل وأقال المنقوش بعد الجدل الذي أثاره اللقاء.
• لكن لاحقًا، كشفت تقارير موثوقة أن الدبيبة كان على علم بالاجتماع بل وأرسل وفدًا ليشارك في التنسيق.

هذه الواقعة أظهرت بوضوح استعداده لإنكار الحقائق حتى عندما تكون الأدلة واضحة، مما يضع نفيه لعرض استضافة اللاجئين الفلسطينيين في خانة التشكيك المشروع.

تسليم بوعجيلة المريمي: قرار يناقض السيادة الليبية

في خطوة أثارت جدلاً واسعًا داخل ليبيا، قامت حكومة الدبيبة بتسليم المواطن الليبي بوعجيلة المريمي إلى الولايات المتحدة في ديسمبر 2022، على خلفية قضية لوكربي، رغم أن القضية كانت قد أُغلقت رسميًا بموجب مرسوم رئاسي أمريكي عام 2008.

هذا القرار فتح الباب أمام اتهامات جدية بالتفريط في السيادة الليبية، والخضوع للإملاءات الخارجية.

السؤال الحاسم

إذا كان الدبيبة قد تنازل عن مواطن ليبي في قضية مغلقة دوليًا، فهل يمكن استبعاد أن يكون قد أبرم اتفاقًا غير معلن بشأن توطين اللاجئين الفلسطينيين في ليبيا؟

نفي استضافة اللاجئين: هل هو مجرد نفي إعلامي؟

في ظل هذا السجل المليء بالتصريحات المتناقضة والتنصل من التعهدات السابقة، يأتي نفي الدبيبة لما ورد في تقرير American Thinker ليطرح تساؤلات مشروعة:
• هل يمكن الوثوق في تصريحاته بعد كل هذه السوابق؟
• إذا كان قد خالف تعهدًا مكتوبًا بعدم الترشح للرئاسة، فمن يضمن أنه لم يعقد تفاهمات سرية بشأن ملف اللاجئين الفلسطينيين؟
• هل سيتم الكشف لاحقًا عن وثائق أو تسريبات تثبت صحة التقرير الأمريكي، كما حدث في أزمة لقاء المنقوش؟

الأيام المقبلة قد تحمل إجابات لهذه التساؤلات، لكن المؤكد أن سجل الدبيبة في التراجع عن تعهداته يترك مساحة كبيرة للشكوك حول صحة نفيه لهذه التقارير.

البوصلة تضع هذه الحقائق أمام الرأي العام، وتدعو إلى شفافية أكبر في التعاطي مع القضايا السيادية المصيرية.

    اترك تعليق

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني