Categories

تعاون إنساني أم تمرير ناعم لمـ ـخطـ.ـط التـ.ـوطيـ ـن؟

تقارير – البوصلة

بعبارات ناعمة وتصريحات فضفاضة.. هل تُهيّئ حكومة الدبيبة الأرض لتغيير ديموغرافي خطير؟

في أعقاب ما فجره موقع American Thinker الأمريكي عن تقديم رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة عرضًا لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في ليبيا، وما تلاه من نفي حكومي خجول لم يرقَ إلى الرد الرسمي أو القاطع، تأتي مؤشرات أخرى تعزز المخاوف بشأن وجود توجهات خفية لتغيير ديموغرافي واسع تحت مسميات إنسانية ناعمة.

حيث عقد وزير الحكم المحلي بدر الدين التومي لقاءً مع رئيسة بعثة المنظمة الدولية للهجرة، نيكوليتا جيوردانو، جرى خلاله استعراض ما سُمِّي بـ”مبادرات إعادة إدماج المهاجرين غير الشرعيين وحمايتهم”، و”بناء قدرات البلديات في التعامل مع النازحين من أجل استقرار المجتمعات المحلية”.

وبينما تمرّ هذه التصريحات على السطح كجزء من التعاون الدولي، جاءت عبارة الوزير بأن “تعزيز التعاون مع المنظمة يمكن أن يساهم في تبديد مخاوف الرأي العام” لتُفهم ضمنيًا كمحاولة لتمهيد الرأي العام تدريجيًا لقبول ما هو مرفوض شعبيًا وسياديًا.

المفارقة أن نفي التصريحات المتداولة حول التوطين لم يصدر بشكل مباشر من الوزير أو الحكومة، بل جاء عبر صفحة غير موثقة على فيسبوك تُدعى “تبيان” تزعم تبعيتها للحكومة وهو ما يطرح تساؤلات حول مصداقية الطرح وأهدافه، خصوصًا مع تصاعد القلق من أن تكون ليبيا مجددًا ضحية لمخططات خارجية تُمرّر بلغة ناعمة وبأساليب ناعمة.

محاولات غربية متكررة لتوطين المهاجرين في ليبيا

هذا التحرك ليس وليد اللحظة. بل يندرج ضمن سلسلة طويلة من الضغوط الأوروبية والدولية التي سعت، بشكل مباشر وغير مباشر، لتحويل ليبيا من دولة عبور إلى دولة استيعاب دائم للمهاجرين:
• في عام 2017، بثت قناة CNN العالمية تقريرا بفيديو مبهم يزعم بيع مهاجرين أفارقة في ليبيا بالمزاد كـ “عبيد”، ما شكل صدمة دولية استُثمرت لاحقًا سياسيًا للضغط على ليبيا لقبول برامج “إعادة الإدماج” و”الاستقرار المجتمعي” تحت غطاء حقوق الإنسان.
• الاتحاد الأوروبي وفرنسا تحديدًا تبنّتا سياسات متشددة تطالب بوقف تدفق المهاجرين من ليبيا إلى أوروبا، وقوبل ذلك بمقترحات لإبقاء المهاجرين في مراكز احتجاز داخل ليبيا، بل ذهبت باريس إلى حد المطالبة بفرض عقوبات على السلطات الليبية بحجة “سوء إدارة الملف الإنساني”، في حين أن الهدف الحقيقي كان خلق مظلة دولية لتبرير مشاريع التوطين في حين أن ليبيا دولة عبور تعاني اوضاعا استثنائية ولا تتحمل اضافة اخطار جديدة تفاقم من أزمة الأمن القومي .
• في عدة قمم أوروبية-أفريقية، طُرحت صيغ تُشجع على “تمكين المهاجرين من الاندماج المحلي”، عبر برامج دعم دولي وتمويل مباشر للبلديات الليبية، وهو ما يُفسَّر الآن في لقاءات من هذا النوع بين الحكومة والمنظمات الدولية.
• الرفض الشعبي كان واضحًا وقاطعًا، فقد شهدت السنوات الأخيرة بيانات من منظمات مجتمع مدني، وقوى سياسية وطنية، وحتى شيوخ قبائل، تحذر جميعها من خطورة تحويل ليبيا إلى مستودع بشري مفتوح لإيواء المهاجرين. وتصدّت مرارًا لمحاولات تمرير هذا الملف تحت أي غطاء.

المعطيات المتسلسلة، من تقرير American Thinker إلى لقاءات بعثات الهجرة، تكشف عن نمط متكرر: استخدام عبارات ناعمة، وتمرير مشاريع مريبة تحت مسميات حقوقية، ومحاولة امتصاص الرفض الداخلي بنفي فضفاض وغير رسمي.
وهو ما يستدعي يقظة وطنية وسيادية حقيقية قبل أن تجد ليبيا نفسها أمام أمر واقع جديد يُفرض بصمت.

ليبقى السؤال الأهم:

هل تقف ليبيا على أعتاب مرحلة جديدة من التنازلات؟
وهل يُراد لنا أن نُعيد رسم خارطة التركيبة السكانية بموجب تفاهمات دولية لا تعبأ بالخصوصية الوطنية ولا بالأمن القومي؟

    اترك تعليق

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني