منصة البوصلة | تحليل خاص
بينما تواصل حكومة الوحدة الوطنية بقيادة عبد الحميد الدبيبة إنفاق ملايين الدنانير على حملات الترويج الإعلامي، والفعاليات الفنية، واستقدام صُنّاع المحتوى والفنانين العرب، تُحذّر المفوضية الوطنية العليا للانتخابات من انهيار فعلي لمسار الانتخابات المحلية نتيجة غياب التمويل الأساسي اللازم لتنفيذ مراحل العملية الانتخابية.
وفي بيان رسمي صدر اليوم، كشفت المفوضية عن ضعف شديد في إقبال الناخبين على التسجيل هذا العام، رغم أهمية الاستحقاق البلدي، مرجعة ذلك إلى ضآلة حملات التوعية التي تنفذها بالتعاون مع شركائها بسبب نقص التمويل المفترض تخصيصه من الحكومة.
وأضاف البيان أن المفوضية طالبت حكومة الوحدة الوطنية عدة مرات بتخصيص 30 مليون دينار ليبي لتغطية تكاليف انتخاب مجالس البلديات، إلا أن الحكومة، رغم وفرة إمكانياتها المالية، لم تتمكن حتى من توفير نصف هذا المبلغ.
“هناك تساؤلات حول مدى قدرتنا على استكمال بقية المراحل الانتخابية وفق هذه المخصصات الضئيلة”، تقول المفوضية، التي أعلنت عن تمديد مرحلة تسجيل الناخبين حتى السادس من أبريل، داعية المواطنين إلى اغتنام الفرصة والمشاركة.
مصادر خاصة لـ”البوصلة” أكدت أن طلبات التمويل قُدمت رسميًا إلى وزارة المالية منذ نهاية العام الماضي، دون استجابة حقيقية، ما يعزز الانطباع بأن الحكومة لا تُولي المسار الانتخابي أي أولوية حقيقية، مقابل اهتمامها المتزايد بمشاريع العلاقات العامة والدعاية السياسية.
في المقابل، تُظهر تقارير تتبعتها “البوصلة” أن مبالغ ضخمة صُرفت خلال الأشهر الماضية على تنظيم احتفالات استعراضية ومهرجانات فنية، واستقدام شخصيات إعلامية وفنية من الخارج، في مساعٍ لتلميع صورة الحكومة داخليًا وخارجيًا.
ويرى مراقبون أن هذا النهج يعكس انحرافًا في أولويات السلطة التنفيذية، حيث يتم تجاهل متطلبات الاستحقاقات الوطنية لصالح أجندة دعائية لا تخدم الاستقرار المؤسسي ولا تعزز الثقة في العملية السياسية.
تحليل “البوصلة” يخلص إلى أن استمرار هذا النمط من الإنفاق مقابل تهميش مفوضية الانتخابات قد يؤدي إلى إفراغ العملية الانتخابية من مضمونها، وتحويلها إلى مجرد شعار سياسي، تستخدمه السلطة كغطاء لتكتيكات التسويف والمماطلة.
وفي هذا السياق، يبرز تساؤل جوهري: إذا كان هذا هو سلوك الحكومة تجاه الانتخابات البلدية، فكيف سيكون الحال مع الاستحقاق الاستراتيجي الأسمى المتمثل في إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية؟