البوصلة – خاص
يبدو أن ليبيا ستظل أسيرة التجاذبات الدولية مجددًا، مع تصاعد الخلافات داخل أروقة الأمم المتحدة بشأن تعيين مبعوث أممي جديد خلفًا لعبد الله باتيلي، الذي قدم استقالته مؤخرًا بعد فترة شهدت تعقيدات سياسية وأمنية متزايدة.
ووفقًا لمصادر دبلوماسية مطلعة، فإن طرح اسم حنة تيتة كمرشحة محتملة لتولي المنصب قد كشف مجددًا عن مدى الانقسام داخل مجلس الأمن والأطراف الفاعلة في الملف الليبي، وهو ما يعيد إلى الأذهان المأزق الذي سبق تعيين باتيلي نفسه.سيناريو متكرر..
الخلافات تؤجل التعيين
كما حدث مع عبد الله باتيلي، الذي استغرق تعيينه شهورًا بسبب انقسامات بين الدول الكبرى حول هويته وأولوياته، تواجه حنة تيتة، الوزيرة الغانية السابقة والمبعوثة الأممية السابقة إلى الاتحاد الإفريقي، عقبات مشابهة.
فبينما تدعم بعض الأطراف الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، تعيينها، تتحفظ قوى إقليمية ودولية أخرى على شخصها، معتبرةً أن سياستها قد لا تتماشى مع التوازنات الدقيقة في المشهد الليبي.
الاعتراضات لا تقتصر فقط على مجلس الأمن، بل تمتد إلى الداخل الليبي، حيث ترى أطراف فاعلة أن طرح أي مرشح جديد يجب أن يتم بناءً على توافق دولي وإقليمي حقيقي، لا أن يكون مجرد فرض لخيارات لا تخدم المرحلة الحالية.التجاذبات الدولية..
هل تعرقل الحل في ليبيا؟
منذ استقالة باتيلي، لم تُظهر الأمم المتحدة أي استعجال في تسمية خليفته، وهو ما يعكس حجم التعقيدات المحيطة بالملف الليبي.
فالموقف الأمريكي يتجه نحو تسريع تعيين مبعوث جديد لمواصلة المسار السياسي وتهيئة الظروف للانتخابات المؤجلة، بينما تسعى بعض القوى الأخرى إلى إعادة تقييم دور البعثة الأممية ومهامها قبل الدفع بأي شخصية جديدة، خصوصًا في ظل الانتقادات التي طالت أداء الأمم المتحدة خلال الفترة الماضية.
ويؤكد مراقبون أن ليبيا ليست ساحة صراع داخلي فقط، بل هي ميدان اختبار لمدى قدرة الأطراف الدولية على التوافق. وما حدث مع باتيلي، الذي تم تعيينه بعد ضغوط أمريكية رغم تحفظات فرنسية وإماراتية في البداية، قد يتكرر مع أي اسم جديد، مما يعني أن الفراغ الأممي قد يطول، وهو ما سيؤثر على المسار السياسي ككل.
ليبيا بلا مبعوث..
هل تستفيد الأطراف الداخلية؟في ظل هذا الجمود الدولي، تبدو الأطراف الليبية غير مستاءة من هذا الفراغ، حيث يمنحها الوقت لإعادة ترتيب أوراقها دون ضغوط أممية مباشرة.
فالمجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية والبرلمان ومجلس الدولة جميعهم يترقبون من سيكون الوسيط الجديد، لكنهم في الوقت ذاته يتحركون وفق أجنداتهم الخاصة، مستغلين غياب أي آلية أممية واضحة تدفع نحو التسوية الشاملة.
في النهاية، يبدو أن الملف الليبي سيظل رهينة التجاذبات الدولية، ومع غياب رؤية موحدة داخل مجلس الأمن، سيظل تعيين مبعوث أممي جديد مسألة مؤجلة حتى إشعار آخر.
فهل تعيد الأمم المتحدة سيناريو التأخير الذي سبق تعيين باتيلي، أم أن الضغوط الدولية ستدفع نحو حسم سريع للملف؟البوصلة تتابع..ستبقى “البوصلة” على متابعة دقيقة لكواليس هذا الملف، مع كشف المزيد من التفاصيل حول المواقف الدولية وأثرها على مستقبل الحل في ليبيا.