شهدت الأيام الأخيرة سلسلة من اللقاءات البارزة التي جمعَت القائد العام للقوات المسلحة الليبية، المشير أركان حرب خليفة حفتر، مع كبار المسؤولين الأمنيين من مصر وتركيا، بالإضافة إلى المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي.
تعكس الزيارات أبعادًا متعددة تعكس تعقيدات الملف الليبي وتبرز الدور المحوري الذي تلعبه القيادة العسكرية الليبية في المشهد الإقليمي والدولي، في ظل الأوضاع السياسية والأمنية المتقلبة التي تمر بها البلاد.
واستقبل المشير حفتر، اللواء حسن رشاد، رئيس المخابرات العامة المصرية، حيث جاءت الزيارة في إطار تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي بين البلدين. تشترك ليبيا ومصر في تحديات أمنية جسيمة تشمل مكافحة الإرهاب، ضبط الحدود، مكافحة تهريب السلاح، والهجرة غير الشرعية. علاوة على ذلك، تمثل المنطقة الشرقية لليبيا جبهة حساسة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمن القومي المصري، مما يجعل تعزيز التنسيق أمرًا استراتيجيًا لكلا الطرفين. وبرز بعد سياسي ضمن اللقاء حين قدم اللواء رشاد تهانيه للقيادات الليبية على ترقياتها، في إشارة واضحة لدعم القاهرة للمؤسسة العسكرية الليبية كركيزة أساسية لاستقرار البلاد.
تحسن العلاقات
وفي خطوة تعكس تحسناً ملحوظًا في العلاقات الليبية-التركية، استقبل المشير حفتر رئيس جهاز المخابرات الوطني التركي إبراهيم كالن. ناقش الطرفان تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي، مع تركيز خاص على قضية الهجرة غير الشرعية التي تشكل تحديًا إقليميًا كبيرًا. هذه الزيارة تشير إلى رغبة تركيا في لعب دور بناء في الملف الليبي عبر تعزيز التنسيق مع القيادة العسكرية، مما يعكس تطورات إيجابية بعد فترة من التوتر.
أما زيارة المبعوث الفرنسي بول سولير فتأتي لتعكس اهتمام باريس بالجانب السياسي من الملف الليبي. بحث الطرفان إمكانية التوصل إلى رؤية موحدة تقود لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية تحت حكومة موحدة، في مسعى لإعادة الاستقرار السياسي. وتؤكد هذه الزيارة حرص فرنسا على الحفاظ على نفوذها عبر دعم المسارات السياسية وتوحيد المؤسسات في ليبيا.
تجسد الزيارات الثلاثة تباينات وتقاطعات في مصالح القوى الإقليمية والدولية، حيث تتقاسم مصر وتركيا مخاوف أمنية مشتركة تدفعهما لتقوية التعاون مع القيادة العسكرية، بينما تركز فرنسا على تسوية سياسية شاملة. تعكس هذه اللقاءات محاولات متجددة لبناء تحالفات سياسية وأمنية تسعى إلى تحقيق الاستقرار في ليبيا ومنع تحول الأزمة إلى نقطة توتر إقليمية ودولية أوسع.